قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):
(.....وَهِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيُكّذِّبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ، وَيُكَذَّبوْنَ الْقُرْآنَ وَيَجْعَلُونَهُ سِحْرًا، وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، وَنُصَدِّقُ الْقُرْآنَ، ونُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، وَنُصَلِّي، وَنَصُومُ، فكَيْفَ تَجْعَلُونَنَا مِثْلَ أولئِكَ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كُلِّهِمْ أنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فِي شَيْءٍ، وَكَذَّبهُ في شَيْءٍ أَنَّهُ كَافِرٌ، لَمْ يَدْخُلْ فِي الإِسْلاَم، وَكَذَلِكَ إِذَا آمَنَ بِبَعْضِ الْقُرْآنِ وَجَحَدَ بَعْضَهُ، كَمَنْ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الصَّلاَةِ، أَوْ أقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَالصَّلاَةِ، وَجَحَدَ وُجُوبَ الزَّكاةِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ الصَّوْمِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الْحَجِّ.
وَلَمَّا لَمْ يَنْقَدْ أنَاسٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم لِلحَجِّ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران 97]
وَمَنْ أقَرَّ بِهَذَا كُلِّهِ وَجَحَدَ وُجُوبَ الْبَعْثَ كَفَرَ بِالإِجْمَاعِ وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ كَمَا قَالَ جلَّ جَلَالُهُ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقاً وَأَعتَدنَا لِلكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) [النساء 150-151].
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ صَرَّحَ في كِتَابِهِ: أَنَّ مَنْ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ فَهُوَ الكَافِرٌ حَقَا [وأنَّهُ يَستَحِقُّ مَا ذُكِرَ] زَالَتْ هَذِهِ الشُّبْهَةُ.
وَهَذِهِ هِي التي ذَكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ الأَحْسَاءِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أرْسَلَهُ إِلَيْنَا.)